قصة بقلم " الشبح "kasbar-55
هنا حكاية وردة قد رمزت لها بـ(صالح) وهنا تتعدد ورودي في رنينهـا،والهدف
واحد.
دقات عقارب الساعة المعلقة على جدار صالح قد اقتربت من موعد رنينهـا ، فصالح
طالب في المرحلة الثانويـة مؤدب وخلوق ويحافظ على الصلوات الخمس ، لكن لا تظهر
عليه علامات الالتزام , يحب الجلوس مع المنحرفين لما يلقاه معهم من ضحكات
وسخرية وأحاديث مضحكه لكن لا يحب أن يكون مثلهم لأسباب قد أضمرها في نفسه .
لازال الصمت يغلب غرفة صالح ودقات الساعة تتخلل ذلك الصمت .
يستيقظ صالح فجأة وينظر إلى الساعة وعلامات الخوف تعلو وجهه, يعود صالح للنوم
فهو ينتظر موعد رنين الساعة المكان صراخأ بالتأهب للذهاب للمدرسة فهذا هو اليوم
أول يوم من الاختبارات النهائية. تمر الدقائق على تلك الساعة ثقيــلة فالتعب قد
أعيا عقاربها وتتمنى أن ترن بأن الموعد قد حان وحان رنينه.لا أحب الانتظار لكن
حياتنا اليومية توجب علينا ذلك .
يتخلل هذا الصمت المخيم على المكان صراخ الساعة ورنينها بأن الموعد قد حان
وكأني بها تقول ( استيقظ يا صالح فالموعد قد حان ) يتقلب صالح يمنـة ويسرة
وحبال النوم تجره بأن أكمل النوم لحظه , يستيقظ صالح يجر أقدامه متوجها إلى
دورة المياه ,يغسل وجهه , يفرش أسنانه , يسرح شعره تلك أشياء اعتاد بأن يفعلها
كل يوم يستيقظ فيه من النوم وقد تغلب على تلك الحركات الديمومة .
يخرج صالح من دورة المياه وينظر إلى فراشـه وكأن فراشه يقول :
( أكمل النوم فالوقت مبكر ) لكن نداء والدته التي كانت تجهز الإفطار يوجب عليه
أن يجزم بأن النوم قد انتهى .
ينزل صالح إلى الدور السفلي ويقبل رأس أمه
ويجلس في زاوية المطبخ ينتظر الإفطار والنوم يغالب أجفانه يدخل والد صالح
المطبخ بعد أن تأهب للذهاب إلى دوامه قائلاً :
-صباح الخير .
-صباح النور وما أعتقد أنه خير واليوم أول يوم من الاختبارات .
ضحك عند دخوله وبعد أن سمع ابنه يقول هذا الكلام وقال له بعض الكلمات التشجيعية
التي اعتاد كل أب أن يقولها لأبنائه في كل بداية فترة اختبارات. يخرج الأب
مودعاً زوجته وابنه
يخرج صالح إلى خارج المدرسة متجهاً إلى الفناء وممتطياً همومه التي قد تركها
عند دخوله ليعقد معها صفقة أخرى أسماها بـ( اختبار الفترة الثانية ) , تمر ثلث
مع صالح لازال يتجول في فناء المدرسة تارة يجلس عند أحد المقاعد وتارة يفتح
الكتاب الذي بيده وتارة أخرى يطلق لفكره العنان ليسبح في فضاء همومه
المستقبليــة يقطع حبل أفكاره نداء صديقه (ناصر ) .
ناصر هذا شخص يدخن رغم أن رائحته لا تشير لذلك لكن سواد شفتيه يؤكد ذلك يدرس
مع صالح في نفس المرحلة لكن في صف آخر تظهر عليه علامات اللامبالاة في الحياة
صدره ويفتعل أنه مهدد بالفصل أن رسب في هذه السنــة.
يستقبل صالح صديقه بعبارات الترحيب التقليدية التي قد تنحى منحى اللعن في بعض
العبارات يتبادل صالح مع صديقه ناصر بعض الأسئلة عن الاختبار السابق وعن
الإجابات التي أجابها والتي لم يجبها . أحس صالح بأن صديقه ناصر يخفي شيئاً في
صدره ويفتعل بعض المواقف المضحكة ليتهرب من هذا الأمر الذي يخفيــه , لم يهتم
صالح لهذا الإحساس على أنه قد خصص عشر دقائق في التفكير فيــه ليخرج بنتيجــة
( لا أدري ما هو الشيء ) .
يرن هاتف ناصر ليقطع ذلك الجو الذي هم فيــه يحاول ناصر بأن يخرج الجوال الذي
أخفاه في ملابسه الداخلية
, وبعد عناء طويل أستطاع أن يخرجه وكانت هذه نهاية
اللقاء مع صالح حيث ودع ناصر صالح على أمل أن يلقاه مرة أخرى حانت,ناصر مسرعاً
والجوال قد لازم مسمعه .
ينظر صالح إلى ساعته التي قد اشتراها له أباه في العام السابق حين تخرجه من
المرحلة المتوسطة معبراً له عن شكره وتشجيعه له . (أوف بقي ربع ساعة وما ذاكرت
شيء ) تلك كلمات نطق بها صالح لاشعورياً حينما رأى عقارب الساعة تشير إلى قرب
موعد اختبار الفترة الثانية . يقلب صالح صفحات الكتاب على عجل باغياً أن ينال
نظره شيئا يستفيد منه في الاختبار .
رن الجرس معلناً ومنادياً لجميع الطلاب بأن فترة الاختبار قد حانت ,بدأت جموع
الطلاب تتهافت إلى قاعة الاختبار جماعات متوجهة وهناك مجموعة لازالت
منكبه على بعض الأوراق وهنا وهناك جماعات متوجهة إلى القاعة وأصواتهم وضحكاتهم
تملأ الفناء منهم من عبرت ضحكاته عن ثقة تامة وارتياح ومنهم من عبرت ضحكاته عن
خوفه . صالح مسرعاً بعد أن تأخر في البحث عن قلمه الذي فقده في المكان الذي كان
يتجول فيــه . تبدأ فترة الاختبار بعبارة ذلك الأستاذ (استعينوا بالله والتزموا
الهدوء ) . يعم المكان صمت لا يسمع فيه إلا نقب الأقلام للورق وبعض همسات
المعلمين في الممرات المجاورة للقاعة حركات الطاولات بدأت بمباشرة عملها معبرةً
بأن وقت الاختبار قد انتهى وقد تحرك بعض الطلاب .
خرج صالح من المدرسة ممتطياً همومه مرة أخرى ومتوجهاً إلى البيت يشوب وجهه
سعادة ممزوجة بحزن فسعادة خروجه من الاختبار الثاني ورضاه على حله فيه وحزنه
بالإخفاق في بعض أسئلة الاختبار الأول .
يقف صالح بعيدا من المدرسة ومتجمهراً مع بعض الطلاب الذين وقفوا لمشاهدة حركات
المفحطين وعبثهم غير المضبوط بضوابط تحكمهم رائحة عجلات المتجمهرين وتزداد عدد
السيارات العابثة ويزداد جنون سائقيها كذلك رائحة عجلات السيارة تخيم على
المكان وهتاف المشجعين.
يزيد الجو إثارة هنا شابان يقفزان فرحاً لحركة ذلك المفحط حينما مر بين
سيارتين بحركة احترافية ، وهنا شباب في داخل تلك السيارة التي قد زينت الطوابع
والملصقات مظهرها الخارجي تحوم على مكان التجمهر وصوت الغناء ينبعث منها , جو
مشبوه أبطاله المفحطون وضحاياه المتفرجون وبعض المشجعين , يصرخ صالح لاشعوريا
ويلوح بيده مشجعاً لتلك السيارة ظهرت تلك الحركة لاشعورياً منه وحماساً منه
كذلك في نفس الوقت ينتهي ذلك التجمهر سريعاً لوصول بعض الأخبار بأن بعض
الدوريات ورجال المرور في الشارع المجاور وهم في طريقهم إلى المكان , يرتبك
البعض ويهرب البعض ويتخفى البعض , هنا صالح يهرب إلى الشارع المقابل متوجهاً
إلى بيته ودقات قلبه السريعة تملأ صدره على عجل .
يدخل صالح إلى المنزل ويتأوه بصوت عالٍ مما جعل والدته تسمعه لقرب نافذة
غرفة والدته من الباب الخارجي أمامه: يدخل للمنزل ويلقي بشماغه وبعض الأوراق
على تلك الطاولة التي كانت تتوسط صالة المنزل الداخلية يصعد صالح إلى غرفته
في الطابق العلوي ليجد والدته أمامه :
-هلا صالح وش فيك تتأوه يوم دخلت لا يكون اختبارك مو زين ؟
-لا يمه بس زي ما تعرفين المدرسة بعيده شوي وتعبت وأنا أمشي .
-طيب كيف اختبارك شكل درجتك كاملة في المادتين ؟!!
-باين .. أقصد الحمد لله حليت زين في الاختبار
-الله يوفقك أنا أبروح أنام وأنت رح ذاكر .
-طيب يمه
يتحرك صالح من المكان بتثاقل وكأنه يجر شيئا خلفه ,[ اوووف باقي أذاكر ] تلك
كلمات نطق بها صالح لاشعورياً حينما تذكر الاختبارات وما فيها .
قرر صالح أن يذهب إلى المطبخ ويعمل له شيئا يسليه ، كانت تسلية صالح في الأكل
فحينما يضيق صدره أو يشعر بالفراغ يتوجه إلى المطبخ ويبدأ بالأكل . الساعة
تشير إلى الحادية عشر والنصف صوت الأذان ملأ المكان, توضأ صالح وهو يجر قدميه
بثقل فتارة يقول له شيطانه (دع عنك الصلاة وصلها في البيت ) وتارة يجبره خوفه
من الله على أن يذهب إلى المسجد ,حدثت بعض الصراعات في الأفكار في مخيلة صالح
وانتهت على أن يذهب صالح إلى المسجد ويقهر الشيطان ويطيع ربه ، يخرج صالح من
البيت متوجهاً إلى المسجد . السلام عليكم ورحمة الله ، السلام عليكم ورحمة الله .. انتهى الإمام من
الصلاة , تقلد بعض المصلين الميكرفون ليشرع في كلمة وعظية تخص الشباب وترشدهم
إلى الطريق الصحيح في فترة الاختبارات وتجنب أية سلوكات خاطئة [ أووف مليت من
هالكلام ].
يخرج صالح من المسجد متوجهاً إلى البيت وعلامة القلق تعلو وجهه [ أي مادة
سأبدأ وأي فصل سأبدأ فيه ] تلك كلمات كانت حديث نفس لكن لم تنطق بها شفتا صالح
. شرع صالح في مذاكرة تلك المادة حين وصوله إلى البيت .
الساعة تشير إلى التاسعة مساءً علامات الإرهاق تصبغ وجه صالح وشرايين حمراء
تملأ عينه . يقرر صالح أن ينام هذه الليلة رغم أنه لم ينتهِ من المنهج المقرر
علية .
الساعة تشير إلى السادسة والربع صباحاً يستيقظ صالح من النوم مفجوعاً لأنه قد
وقّت منبه الساعة بعد أن صلى الفجر على أن يستيقظ قبل الساعة السادسة ليكمل ما
المدرسة.لمنهج , لكن للأسف لا يكفي الوقت بأن يراجع ماتبقى من المنهج ،
يلبس صالح ملابسه على عجل ويخرج من البيت متوجهاً إلى المدرسة فالساعة تشير
عقاربها إلى السادسة وخمسين دقيقة .
أضاع صالح وقتاً كثيراً في استغراقه لبس ملابسه والاستعداد للذهاب إلى
المدرسة . ينهي صالح ذلك الاختبار بعد أن استغرق الوقت كاملا ، لكن كالعادة
يخرج من الاختبار وعلامات التوتر والحزن تعلو وجهه .
اعتاد صالح بعد كل فترة اختبار أن يذهب إلى التجمع الذي يحصل أمام المدرسة حيث
يقوم بعض المفحطين ببعض المهارات الاستعراضية أمام الجمهور,كانت تثير إعجاب
الطلاب.الحركات التي كان المفحطون يبحثون عن هذه الظاهرة بين أوساط الشباب ,
يعتاد صالح تلك المناظر والتي يشاهدها بعد كل فترة اختبار يمر هذا اليوم بسلام
ويأتي اليوم الذي بعده ، لكن هذا اليوم يختلف عن باقي الأيام فصالح في هذا
اليوم قد وقع عقد مع حياة أخرى ومع طابع مختلف عن ما كان معتاداً عليه .
يخرج صالح من الاختبار وكعادته يذهب لذلك التجمع الذي أصبح مكانه معروفاً بين
الطلاب .تارة يضحك بجنون على حركة ذلك المفحط وتارة يلوح بيده لذلك المفحط
وتارة يقفز من مكانه فرحاً لحركة ذلك المفحط .
في خضم تلك الأحداث والصفقات والضحكات غير المقصودة من البعض يقف ناصر الذي كان
راكباً مع المفحط الذي كان يستقل سيارة من نوع (كامري لون عنابي ) يتبادل مع
صالح الحديث ويسأله بعض الأسئلة عن الاختبار ليس حرصاً منه لكن ليصل إلى ما
يريد .
أنهى ناصر كلامه مع صالح بدعوته إلى الركوب معهم في السيارة لم يبدِ صالح أي
اعتراضا على ذلك بالعكس كانت تقاسيم وجهه تشير إلى الفرح بدعوتهم له وكأنه كان
ينتظرها من قبل لا أدري لماذا لكن ربما ذلك الجو هو ما صنع ذلك الحماس عند صالح
والرغبة في خوض مغامرة مع ذلك المفحط وصديقه .
يركب صالح مع ذلك المفحط وصديقه ويبدون له بعض كلمات الترحيب المزيفة التي تخفي
خلفها الكثير من النوايا والأفكار الشيطانية التي زينوها أمام صالح ببسمات
شفافة وعبارات براقة سرعان ما تزول . كانت علب السجائر تملأ مقاعد السيارة
الفارغ ومنها الجديد , شماغ أحمر مرمي على المرتبة هنا وعقال مرمي هنا يبعد
صالح تلك الأشياء ويحاول بأن يضع له مكان ليجلس , يرفع ذلك المفحط صوت الغناء
في السيارة ويتحرك ليترك خلفه صرير كفراته لم يعتد صالح على أن يسمع الغناء
بحكم أنه يعيش في بيت محافظ لكن سعادته الوهمية بما هو فيه أجبرته على أن يرضى
بالوضع الراهن .
انطلق المفحط يستعرض قليلاً أمام الجميع ببعض حركاته التي قد تفنن فيها أكثر
من قبل لسبب كان يخفيه في قلبه [ لأن صالح معهم ؟ ... لا أدري ] مضى من الوقت
ربع ساعة وذلك المفحط يستعرض يمنة ويسرة أمام جمهوره والذي قد رسم تجمعهم
حلقات متناثرة على جانبي الطريق , أثناء التفحيط .
صوت الغناء الذي يملأ السيارة همس ناصر الذي كان في المقعد الأمامي لصديقه
المفحط بهمسات لم يسمعها صالح رغم أنه كان قريباً منهم ، يغير المفحط مساره
بحجة أن هناك دورية مرور في طريقها لمباشرة موقع التفحيط والقبض عليهم اختلق
ناصر وصديقه المفحط جو خوف وهروب وأنهم في وضع ارتباك يطلب صالح منهم أن
يوصلاه إلى بيته , يتظاهر المفحط بأنه لا يسمع وأنه مرتبك رغم أن صوت صالح كان
مسموعاً لهما إلا أنهما أوهماه بأنهما لم يسمعاه .
تخيم على صالح سحابة خوف يبتعدون عن المكان وبعد صالح عن المكان يزيد من خوفه
خوفاً على خوف ضربات قلب صالح تبدأ بالخفقان بدايات الرعشة تسيطر على أطراف
صالح فهذه المرة الأولى التي يركب فيها مع شخص غريب يمر شريط الأحداث أمام
عيني صالح يتجرع صالح الندم وتأنيب النفس ، مرت كل هذه اللحظات ثقيلةً عليه في
التفكير سريعةً عليه في وقتها يصرخ صالح لاشعورياً بينهم قائلاً :
هنا حكاية وردة قد رمزت لها بـ(صالح) وهنا تتعدد ورودي في رنينهـا،والهدف
واحد.
دقات عقارب الساعة المعلقة على جدار صالح قد اقتربت من موعد رنينهـا ، فصالح
طالب في المرحلة الثانويـة مؤدب وخلوق ويحافظ على الصلوات الخمس ، لكن لا تظهر
عليه علامات الالتزام , يحب الجلوس مع المنحرفين لما يلقاه معهم من ضحكات
وسخرية وأحاديث مضحكه لكن لا يحب أن يكون مثلهم لأسباب قد أضمرها في نفسه .
لازال الصمت يغلب غرفة صالح ودقات الساعة تتخلل ذلك الصمت .
يستيقظ صالح فجأة وينظر إلى الساعة وعلامات الخوف تعلو وجهه, يعود صالح للنوم
فهو ينتظر موعد رنين الساعة المكان صراخأ بالتأهب للذهاب للمدرسة فهذا هو اليوم
أول يوم من الاختبارات النهائية. تمر الدقائق على تلك الساعة ثقيــلة فالتعب قد
أعيا عقاربها وتتمنى أن ترن بأن الموعد قد حان وحان رنينه.لا أحب الانتظار لكن
حياتنا اليومية توجب علينا ذلك .
يتخلل هذا الصمت المخيم على المكان صراخ الساعة ورنينها بأن الموعد قد حان
وكأني بها تقول ( استيقظ يا صالح فالموعد قد حان ) يتقلب صالح يمنـة ويسرة
وحبال النوم تجره بأن أكمل النوم لحظه , يستيقظ صالح يجر أقدامه متوجها إلى
دورة المياه ,يغسل وجهه , يفرش أسنانه , يسرح شعره تلك أشياء اعتاد بأن يفعلها
كل يوم يستيقظ فيه من النوم وقد تغلب على تلك الحركات الديمومة .
يخرج صالح من دورة المياه وينظر إلى فراشـه وكأن فراشه يقول :
( أكمل النوم فالوقت مبكر ) لكن نداء والدته التي كانت تجهز الإفطار يوجب عليه
أن يجزم بأن النوم قد انتهى .
ينزل صالح إلى الدور السفلي ويقبل رأس أمه
ويجلس في زاوية المطبخ ينتظر الإفطار والنوم يغالب أجفانه يدخل والد صالح
المطبخ بعد أن تأهب للذهاب إلى دوامه قائلاً :
-صباح الخير .
-صباح النور وما أعتقد أنه خير واليوم أول يوم من الاختبارات .
ضحك عند دخوله وبعد أن سمع ابنه يقول هذا الكلام وقال له بعض الكلمات التشجيعية
التي اعتاد كل أب أن يقولها لأبنائه في كل بداية فترة اختبارات. يخرج الأب
مودعاً زوجته وابنه
يخرج صالح إلى خارج المدرسة متجهاً إلى الفناء وممتطياً همومه التي قد تركها
عند دخوله ليعقد معها صفقة أخرى أسماها بـ( اختبار الفترة الثانية ) , تمر ثلث
مع صالح لازال يتجول في فناء المدرسة تارة يجلس عند أحد المقاعد وتارة يفتح
الكتاب الذي بيده وتارة أخرى يطلق لفكره العنان ليسبح في فضاء همومه
المستقبليــة يقطع حبل أفكاره نداء صديقه (ناصر ) .
ناصر هذا شخص يدخن رغم أن رائحته لا تشير لذلك لكن سواد شفتيه يؤكد ذلك يدرس
مع صالح في نفس المرحلة لكن في صف آخر تظهر عليه علامات اللامبالاة في الحياة
صدره ويفتعل أنه مهدد بالفصل أن رسب في هذه السنــة.
يستقبل صالح صديقه بعبارات الترحيب التقليدية التي قد تنحى منحى اللعن في بعض
العبارات يتبادل صالح مع صديقه ناصر بعض الأسئلة عن الاختبار السابق وعن
الإجابات التي أجابها والتي لم يجبها . أحس صالح بأن صديقه ناصر يخفي شيئاً في
صدره ويفتعل بعض المواقف المضحكة ليتهرب من هذا الأمر الذي يخفيــه , لم يهتم
صالح لهذا الإحساس على أنه قد خصص عشر دقائق في التفكير فيــه ليخرج بنتيجــة
( لا أدري ما هو الشيء ) .
يرن هاتف ناصر ليقطع ذلك الجو الذي هم فيــه يحاول ناصر بأن يخرج الجوال الذي
أخفاه في ملابسه الداخلية
, وبعد عناء طويل أستطاع أن يخرجه وكانت هذه نهاية
اللقاء مع صالح حيث ودع ناصر صالح على أمل أن يلقاه مرة أخرى حانت,ناصر مسرعاً
والجوال قد لازم مسمعه .
ينظر صالح إلى ساعته التي قد اشتراها له أباه في العام السابق حين تخرجه من
المرحلة المتوسطة معبراً له عن شكره وتشجيعه له . (أوف بقي ربع ساعة وما ذاكرت
شيء ) تلك كلمات نطق بها صالح لاشعورياً حينما رأى عقارب الساعة تشير إلى قرب
موعد اختبار الفترة الثانية . يقلب صالح صفحات الكتاب على عجل باغياً أن ينال
نظره شيئا يستفيد منه في الاختبار .
رن الجرس معلناً ومنادياً لجميع الطلاب بأن فترة الاختبار قد حانت ,بدأت جموع
الطلاب تتهافت إلى قاعة الاختبار جماعات متوجهة وهناك مجموعة لازالت
منكبه على بعض الأوراق وهنا وهناك جماعات متوجهة إلى القاعة وأصواتهم وضحكاتهم
تملأ الفناء منهم من عبرت ضحكاته عن ثقة تامة وارتياح ومنهم من عبرت ضحكاته عن
خوفه . صالح مسرعاً بعد أن تأخر في البحث عن قلمه الذي فقده في المكان الذي كان
يتجول فيــه . تبدأ فترة الاختبار بعبارة ذلك الأستاذ (استعينوا بالله والتزموا
الهدوء ) . يعم المكان صمت لا يسمع فيه إلا نقب الأقلام للورق وبعض همسات
المعلمين في الممرات المجاورة للقاعة حركات الطاولات بدأت بمباشرة عملها معبرةً
بأن وقت الاختبار قد انتهى وقد تحرك بعض الطلاب .
خرج صالح من المدرسة ممتطياً همومه مرة أخرى ومتوجهاً إلى البيت يشوب وجهه
سعادة ممزوجة بحزن فسعادة خروجه من الاختبار الثاني ورضاه على حله فيه وحزنه
بالإخفاق في بعض أسئلة الاختبار الأول .
يقف صالح بعيدا من المدرسة ومتجمهراً مع بعض الطلاب الذين وقفوا لمشاهدة حركات
المفحطين وعبثهم غير المضبوط بضوابط تحكمهم رائحة عجلات المتجمهرين وتزداد عدد
السيارات العابثة ويزداد جنون سائقيها كذلك رائحة عجلات السيارة تخيم على
المكان وهتاف المشجعين.
يزيد الجو إثارة هنا شابان يقفزان فرحاً لحركة ذلك المفحط حينما مر بين
سيارتين بحركة احترافية ، وهنا شباب في داخل تلك السيارة التي قد زينت الطوابع
والملصقات مظهرها الخارجي تحوم على مكان التجمهر وصوت الغناء ينبعث منها , جو
مشبوه أبطاله المفحطون وضحاياه المتفرجون وبعض المشجعين , يصرخ صالح لاشعوريا
ويلوح بيده مشجعاً لتلك السيارة ظهرت تلك الحركة لاشعورياً منه وحماساً منه
كذلك في نفس الوقت ينتهي ذلك التجمهر سريعاً لوصول بعض الأخبار بأن بعض
الدوريات ورجال المرور في الشارع المجاور وهم في طريقهم إلى المكان , يرتبك
البعض ويهرب البعض ويتخفى البعض , هنا صالح يهرب إلى الشارع المقابل متوجهاً
إلى بيته ودقات قلبه السريعة تملأ صدره على عجل .
يدخل صالح إلى المنزل ويتأوه بصوت عالٍ مما جعل والدته تسمعه لقرب نافذة
غرفة والدته من الباب الخارجي أمامه: يدخل للمنزل ويلقي بشماغه وبعض الأوراق
على تلك الطاولة التي كانت تتوسط صالة المنزل الداخلية يصعد صالح إلى غرفته
في الطابق العلوي ليجد والدته أمامه :
-هلا صالح وش فيك تتأوه يوم دخلت لا يكون اختبارك مو زين ؟
-لا يمه بس زي ما تعرفين المدرسة بعيده شوي وتعبت وأنا أمشي .
-طيب كيف اختبارك شكل درجتك كاملة في المادتين ؟!!
-باين .. أقصد الحمد لله حليت زين في الاختبار
-الله يوفقك أنا أبروح أنام وأنت رح ذاكر .
-طيب يمه
يتحرك صالح من المكان بتثاقل وكأنه يجر شيئا خلفه ,[ اوووف باقي أذاكر ] تلك
كلمات نطق بها صالح لاشعورياً حينما تذكر الاختبارات وما فيها .
قرر صالح أن يذهب إلى المطبخ ويعمل له شيئا يسليه ، كانت تسلية صالح في الأكل
فحينما يضيق صدره أو يشعر بالفراغ يتوجه إلى المطبخ ويبدأ بالأكل . الساعة
تشير إلى الحادية عشر والنصف صوت الأذان ملأ المكان, توضأ صالح وهو يجر قدميه
بثقل فتارة يقول له شيطانه (دع عنك الصلاة وصلها في البيت ) وتارة يجبره خوفه
من الله على أن يذهب إلى المسجد ,حدثت بعض الصراعات في الأفكار في مخيلة صالح
وانتهت على أن يذهب صالح إلى المسجد ويقهر الشيطان ويطيع ربه ، يخرج صالح من
البيت متوجهاً إلى المسجد . السلام عليكم ورحمة الله ، السلام عليكم ورحمة الله .. انتهى الإمام من
الصلاة , تقلد بعض المصلين الميكرفون ليشرع في كلمة وعظية تخص الشباب وترشدهم
إلى الطريق الصحيح في فترة الاختبارات وتجنب أية سلوكات خاطئة [ أووف مليت من
هالكلام ].
يخرج صالح من المسجد متوجهاً إلى البيت وعلامة القلق تعلو وجهه [ أي مادة
سأبدأ وأي فصل سأبدأ فيه ] تلك كلمات كانت حديث نفس لكن لم تنطق بها شفتا صالح
. شرع صالح في مذاكرة تلك المادة حين وصوله إلى البيت .
الساعة تشير إلى التاسعة مساءً علامات الإرهاق تصبغ وجه صالح وشرايين حمراء
تملأ عينه . يقرر صالح أن ينام هذه الليلة رغم أنه لم ينتهِ من المنهج المقرر
علية .
الساعة تشير إلى السادسة والربع صباحاً يستيقظ صالح من النوم مفجوعاً لأنه قد
وقّت منبه الساعة بعد أن صلى الفجر على أن يستيقظ قبل الساعة السادسة ليكمل ما
المدرسة.لمنهج , لكن للأسف لا يكفي الوقت بأن يراجع ماتبقى من المنهج ،
يلبس صالح ملابسه على عجل ويخرج من البيت متوجهاً إلى المدرسة فالساعة تشير
عقاربها إلى السادسة وخمسين دقيقة .
أضاع صالح وقتاً كثيراً في استغراقه لبس ملابسه والاستعداد للذهاب إلى
المدرسة . ينهي صالح ذلك الاختبار بعد أن استغرق الوقت كاملا ، لكن كالعادة
يخرج من الاختبار وعلامات التوتر والحزن تعلو وجهه .
اعتاد صالح بعد كل فترة اختبار أن يذهب إلى التجمع الذي يحصل أمام المدرسة حيث
يقوم بعض المفحطين ببعض المهارات الاستعراضية أمام الجمهور,كانت تثير إعجاب
الطلاب.الحركات التي كان المفحطون يبحثون عن هذه الظاهرة بين أوساط الشباب ,
يعتاد صالح تلك المناظر والتي يشاهدها بعد كل فترة اختبار يمر هذا اليوم بسلام
ويأتي اليوم الذي بعده ، لكن هذا اليوم يختلف عن باقي الأيام فصالح في هذا
اليوم قد وقع عقد مع حياة أخرى ومع طابع مختلف عن ما كان معتاداً عليه .
يخرج صالح من الاختبار وكعادته يذهب لذلك التجمع الذي أصبح مكانه معروفاً بين
الطلاب .تارة يضحك بجنون على حركة ذلك المفحط وتارة يلوح بيده لذلك المفحط
وتارة يقفز من مكانه فرحاً لحركة ذلك المفحط .
في خضم تلك الأحداث والصفقات والضحكات غير المقصودة من البعض يقف ناصر الذي كان
راكباً مع المفحط الذي كان يستقل سيارة من نوع (كامري لون عنابي ) يتبادل مع
صالح الحديث ويسأله بعض الأسئلة عن الاختبار ليس حرصاً منه لكن ليصل إلى ما
يريد .
أنهى ناصر كلامه مع صالح بدعوته إلى الركوب معهم في السيارة لم يبدِ صالح أي
اعتراضا على ذلك بالعكس كانت تقاسيم وجهه تشير إلى الفرح بدعوتهم له وكأنه كان
ينتظرها من قبل لا أدري لماذا لكن ربما ذلك الجو هو ما صنع ذلك الحماس عند صالح
والرغبة في خوض مغامرة مع ذلك المفحط وصديقه .
يركب صالح مع ذلك المفحط وصديقه ويبدون له بعض كلمات الترحيب المزيفة التي تخفي
خلفها الكثير من النوايا والأفكار الشيطانية التي زينوها أمام صالح ببسمات
شفافة وعبارات براقة سرعان ما تزول . كانت علب السجائر تملأ مقاعد السيارة
الفارغ ومنها الجديد , شماغ أحمر مرمي على المرتبة هنا وعقال مرمي هنا يبعد
صالح تلك الأشياء ويحاول بأن يضع له مكان ليجلس , يرفع ذلك المفحط صوت الغناء
في السيارة ويتحرك ليترك خلفه صرير كفراته لم يعتد صالح على أن يسمع الغناء
بحكم أنه يعيش في بيت محافظ لكن سعادته الوهمية بما هو فيه أجبرته على أن يرضى
بالوضع الراهن .
انطلق المفحط يستعرض قليلاً أمام الجميع ببعض حركاته التي قد تفنن فيها أكثر
من قبل لسبب كان يخفيه في قلبه [ لأن صالح معهم ؟ ... لا أدري ] مضى من الوقت
ربع ساعة وذلك المفحط يستعرض يمنة ويسرة أمام جمهوره والذي قد رسم تجمعهم
حلقات متناثرة على جانبي الطريق , أثناء التفحيط .
صوت الغناء الذي يملأ السيارة همس ناصر الذي كان في المقعد الأمامي لصديقه
المفحط بهمسات لم يسمعها صالح رغم أنه كان قريباً منهم ، يغير المفحط مساره
بحجة أن هناك دورية مرور في طريقها لمباشرة موقع التفحيط والقبض عليهم اختلق
ناصر وصديقه المفحط جو خوف وهروب وأنهم في وضع ارتباك يطلب صالح منهم أن
يوصلاه إلى بيته , يتظاهر المفحط بأنه لا يسمع وأنه مرتبك رغم أن صوت صالح كان
مسموعاً لهما إلا أنهما أوهماه بأنهما لم يسمعاه .
تخيم على صالح سحابة خوف يبتعدون عن المكان وبعد صالح عن المكان يزيد من خوفه
خوفاً على خوف ضربات قلب صالح تبدأ بالخفقان بدايات الرعشة تسيطر على أطراف
صالح فهذه المرة الأولى التي يركب فيها مع شخص غريب يمر شريط الأحداث أمام
عيني صالح يتجرع صالح الندم وتأنيب النفس ، مرت كل هذه اللحظات ثقيلةً عليه في
التفكير سريعةً عليه في وقتها يصرخ صالح لاشعورياً بينهم قائلاً :