البوابة
من طرف 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لكل معضلة في العالم هناك حل , ولكل مرض هناك دواء , إلا مشكلة واحدة ( أعيت من يداويها ) ...
المشكلة في شكلها بسيط , وهذا ما دعا الكثيرين للجوء لها من باب ( اللي يجيك منه ريح سده واستريح ) , وتناسوا أموراً كثيرة كانت ستغنيهم عن كل الإستفهامات التي طرحت والتي ستطرح , لذلك أقاموا الدنيا ولم يقعدوها , دكاترة ومحاضرين ومشايخ حتى أن وزارة الصحة دخلت معهم في الموضوع وبدأت الحملات الشرسة بعقد ندوات إرشادية وتوعوية واجتماعات ( برجوازية المستوى ) نسمع عنها لكننا لم نشاهدها ..
تناول الإعلام ( المسموع والمقروء والمرئي ) بعضاً منها بهدوء وبأقل ( بهرجة ) وأكثر واقعية لكنها في الحقيقة متوارية بحيث أنها لا تقترب من الحل ولا تبتعد عنه , يا ترى لماذا؟
أنصتنا لتلك ( العواءات ) الصاخبة أو بالأحرى أن نقول لتلك النداءات ( الكاذبة ) أملاً في إيجاد حل مناسب يرضي كافة الأطراف ويدين المتسبب , لكن تكرار الخطأ دائماً ما يفضي إلى الخطأ , وهذا هو ديدن من يبحث عن الحل من طرف ( الضعفاء ) , والعقل يقول أن هؤلاء ( الضعفاء ) هم أكثر تحملاً للصدمات وأكثر تقبلاً للأوامر التعسفية إن صح التعبير .. ولكم المثل الأكبر فيما حدث في سوق الأسهم والذين أجمعوا على أن السبب هم المضاربون الصغار , كما أن هذه الفئة ( الضعفاء ) هم أكثر المتضررين من أي قرار ينتج من هذه الشرذمة التي لم تعي حق الله ولم تراعي حق الرعية عليهم , وكأنهم نصبوا أنفسهم أوصياء على حياة الناس .
من الممكن أن تكون العواقب وخيمة لو نظرنا بعين ( إنسانية بحتة ) , خاصة أؤلائك الذين لا يرون إلا ( إنسانيتهم الزائفة )
والمتمثلة في مصلحتهم المطلقة للحفاظ على مناصبهم أو مكانتهم الإجتماعية , نحن لا نريد النظر في أي مشكلة بعين واحدة , فهذا لن يفيدنا أكثر مما قد يتسبب فيه من ضرر ومردوده سيطول الأبناء والأحفاد , وقد ينمي الأحقاد وقد يخلق أنواع كثيرة من الطبقيات الإجتماعية التي نرفضها بكل فصولها وبكل أنواعها , مع علمنا الأكيد واعترافنا بوجود هذه الفوارق في مجتمعنا بما سمح وشرع به الله تعالى : ( إلا بالتقوى ) .
إن معضم الحلول التي يتسابق لها المتحذلقون والموارون هو ( جيب المواطن ) وكأنهم يحسدونا على مانسد به حاجتنا وحاجة من نعولهم , وهذا والله لهو من أبشع الجرائم قياساً بما يحدث في العالم من قتل وسفك وتهجير !!!
المشكلة التي أشغلت الرأي العام وأشغلت هؤلاء المتحذلقون هو قضية التدخين !!! انظروا أخوتي الكرام هذه القضية .. فعلاً قضية شائكة في نظر الموارون , بينما هي سهلة وبسيطة في نظر الضعفاء والعقلاء منا وحتى المدخنين أنفسهم ...
في العام الماضي ندد بعض المحسوبون على وزارة الصحة بالتكاليف الباهضة التي تصرفها الوزارة من أجل علاج المصابين من التدخين وطالبوا بمقاضاة منتجي التبغ في العالم وإلزامهم بدفع مبلغ كبير لا يسعني تذكره لكنه بمئات الملايين , وطالبوا أيضاً وزارة التجارة برفع سعر الباكيت الواحد من الدخان إلى 10 ريالات .
- والله إني لما أتذكر هذه المطالبات أكاد أقع من شدة الضحك , لا أدري بالضبط هل هؤلاء يريدون شراكة مصانع التبغ ؟ أم أنهم يريدون أن تكسب شركات التبغ أضعاف ما يكسبون ؟ ... شيء عجيب !!!
أيضاً في العام الماضي طالب الكثيرون بمنع دعايات التبغ في التلفزيونات العربية وأذكر منها ما حدث لمؤسسة إتحاد الشرق الأوسط مجموعة ( mbc ) وفرض غرامات مالية كبيرة وما إلى ذلك حال قبول القنوات العربية عروض شركات التبغ للدعاية لمنتجاتها والتي سيتكفل مبلغ الدعاية لسد حاجة القنوات لبعض المصاريف خاصة أن مبالغها فلكية .
بالأمس القريب كان هناك جمعية نسيت اسمها تندد بمنع التدخين .. وقد غطت إذاعة الرياض بعض فعالياتها وكان لها لقاء مسموع مع دكتورة مشاركة في هذه الجمعية .. وكان من ضمن ما قالته : ( أنه يجب رفع سعر الباكيت إلى عشرة ريالات ) ...
تسليماً بما نادت إليه الدكتورة ونادى إليه بعض رجالات هذه الجمعية .. أحب أن أطرح سؤالاً واحداً وهو .. هل درستم الموضوع جيداً من جميع النواحي؟ وهل هذا كل ما توصلتم إليه؟ وهل سيفي بالغرض الذي جئتم من أجله؟
دعونا من هذه المطالبات التي لا طائل منها والتي لا نفع منها ولننظر بعين الحقيقة والواقع , ولننظر بعين حكيمة تفيد الجميع ...
أنا مدخن .. وأكتب هنا ليس معارضاً لمنع التدخين ولكن معارضاً للنتيجة التي توصل إليها أولائك ( المستقزمون والمتطاولون ) على جيب المواطن بلى أدنى حق .. وسأذكر بعض النتائج السلبية لما سيحدث من قرارهم الجائر :
أولاً : ستربح شركات التبغ جراء غلاء الدخان .
ثانياً : سيكسب مستورد هذه الآفة , وهذا ما سيجعله أكثر إصراراً على البحث عن طرق للربح حتى لو اظطر لبيعه بالحبة كما تفعل بعض البقالات الصغيرة مع الأطفال .
ثالثاً : سيخسر أهل المدخن أومن يعولهم الكثير من قوت يومهم , لأن المدخن سيبحث عنه ويشريه مهما غلى الثمن .
رابعاً : ربما هذا القرار سيظطر البعض لسرقة الدخان ( فكل ممنوع مرغوب ) , وهذا مالم نسمع عنه من قبل وستكون كارثة لوحدث مثل هذا .
أكتفي بهذه السلبيات لأن كل واحدة منها نستطيع الخروج منها بعدة أشياء , أنتقل الآن لشيء مهم وهو المدخن نفسه والذي سيصيح بأعلى صوته ( هدم اللذة بإيقاف التكرار ) , فالمدخن يعلم أن هذه آفة وأنها خطر يهدد مستقبلة وصحته ويجب أن يعلم المجتمع أنه ليس إدماناً وإنما هي عادة أو شيء من هذا القبيل , أي أنه ليس مريضاً يجب علاجه ولا مستعملاً لمادة محرمة دولياً يستوجب عقابه عليها , ولا تذهب بالعقل فيرتكب بعدها جرائم , المسألة تحتاج لكثير من الجرأة فقط والعزم والإصرار والإرادة سواء من الدولة أو المجتمع أو المدخن نفسه ..
وهنا أسأل وزارة التجارة سؤالاً صريحاً لا يحتاج لكثير من العناء , نحن نعلم أن أي منتج لابد له من موزع معتمد أو وكيل أو
مستورد أو أياً كان اسمه ويلصق أو يكتب على المنتج نفسه وهذا ما يعمل به في كافة أنحاء العالم , وسؤالي هو : من هو وكيل التبغ والدخان أو المستورد أو الموزع له في المملكة ؟ ولماذا لا يكتب اسمه على الباكيت ؟
أعود لأضع لكم الحل لهذه المشكلة .. وتأكدوا بأن من يضعها هو مدخن بسيط راتبه على قد حاله , قد تغيب تفكيره عندما بدأ التدخين وقد كان بعيداً عن الرقيب الذي يهتم بشئونه وأموره الحياتية , ومع كثرة وسهولة وبساطة الحصول على ( الدخان ) خاصة وأنه أمام مرأى الجميع يستمر العقل في تغيبه , وقد جاء على لسان سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم : ( لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن ) وشرح الحديث أتمنى أن يبحث عنه أولائك المغالون في نظرتهم إلى المدخنين ..
أعود لكم لأطرح الحل من وجهت نظري المتواضعة والتي تخول لي الإدلاء بما يناسبني ويناسب الجميع مع تجاهل تلك الأراء ( العوالمية ) العقيمة فكرياً والعقيمة إنسانياً .. الحل هو :
جعل التبغ من المواد المخدرة والمحذورة وإدراجها في قائمة المخدرات هنا في السعودية مثلها مثل ما حدث لشجرة ( القات ) , أو منعها منعاً باتاً من دخولها للأراضي السعودية ومنع تعاطيها واستعمالها إحقاقاً لقوله تعالى: { ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة } (البقرة:195)
هنا بالنسبة لي كمدخن ولجميع المدخنين سنجدها فرصة عظيمة للإقلاع عنه لأننا وبكل بساطة لن نجده مره أخرى , وبالنسبة للموارون سيجدون حلاً لأبنائهم وذويهم لتركه .. فلما الإعجاز في وجود الحل مع أنه موجود أصلاً , أم أن المسألة تحتاج لجرأة وهم غير جريئين لإيجاد هذا الحل ..!!!؟
الشيء الوحيد الذي استطعت الخروج به من جميع هذه الغوغائية الإعلامية العقيمة أنهم لا يريدون المحافظة على بلدهم ولا أبناء بلدهم ولا يستحقون إعتلاء المنصات ولا حتى البقاء في مناصبهم , وأنهم لا يعرفون إلا جيب المواطن كحل سهل بالنسبة لهم , والأكيد أن هذا ما عودتهم عليه شركة الإتصالات وسوق الأسهم وبعض المساهمات العقارية الكاذبة , حتى أن التلفزيون السعودي أخذ يلحق بالركب ويشاركهم في سرقة جيب المواطن والدليل متمثل في مسابقة الخيول وبرامج الفوازير الرمضانية وغيرها من البرامج لسد حاجة التلفزيون , وللحديث عن التلفزيون السعودي مجال أكبر ندعه للقادم من الأيام .
أتمنى أن أجد أراء هادفة حيال ما كتبته .. ولكم جزيل الشكر
عبدالله العبدلي
